حجم الخط:

طاعة الله ورسوله توجب الرحمة - الحلقة 9

طاعة الله ورسوله توجب الرحمة - الحلقة 9

شاهد الفيديو

مقدمة الحلقة والترحيب بالضيف

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلاته والسلام على أشرف الخلق وأعزّ المرسلين المصطفى محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. السلام عليكم مشاهدينا الأكارم ورحمة الله وبركاته.

في سياق حديثنا عن الآية الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ﴾، والتي يقترن فيها الأمر بين طاعة الله ورسوله وطاعة أولي الأمر، فإن بحثنا في هذا البرنامج هو عن هؤلاء الذين قرن الله طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله: من هم؟ ما هي صفاتهم؟ ما هي أسماؤهم؟ كيف لنا أن نعرفهم أو نصل إليهم؟ هل أنهم كل من وصل إلى السلطة؟ أو ورث سلطة؟ أو ارتكب الجرائم وسفك الدماء لينال سلطة؟ أم أنهم أعدل الخلق، أفضل الخلق، أكمل الخلق، أعرف الخلق، أعلم الخلق، صفوة الخلق بعد خير الخلق، بعد النبي صلى الله عليه وآله، وأنهم أئمة اختارهم الله تعالى؟

ننتقل وإياكم أعزاء المشاهدين إلى محور جديد من محاور هذا البحث، وأحييكم أطيب تحية في لقائنا المتجدد مع برنامج "أئمة الهدى".

موضوعنا في هذه الحلقة يندرج في إطار بحثنا عن مدلول الآيات الإحدى عشرة الواردة في القرآن الكريم والتي تأمر بطاعة الله وطاعة رسوله، والتي تناولنا في عدد من الحلقات السابقة ما يرتبط بالآية الثانية والثلاثين من سورة آل عمران: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾.

ضيفنا الدائم في هذا البرنامج، الباحث الإسلامي والأستاذ في الحوزة العلمية، سماحة الشيخ مصطفى محمد مصري العاملي، والذي نرحب به في بداية هذا اللقاء.

المُقدِّم: أهلاً ومرحباً بكم سماحة الشيخ ضيفاً عزيزاً على قناتكم قناة كربلاء الفضائية.

الشيخ مصطفى العاملي: أهلاً وسهلاً بكم، حفظكم الله ورعاكم وسدد خطاكم.

المُقدِّم: أهلاً ومرحباً بكم كذلك سماحة الشيخ. مشاهدونا الأعزاء، انتهى بنا الحديث في الحلقة السابقة إلى ما ذكره أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من تفصيل يربط بين الفسق والكفر. واتضح جلياً أن الفسق هو أحد أركان الكفر، وبالتالي فإن مخالفتنا كمسلمين لرسول الله صلى الله عليه وآله هي مخالفة لله تعالى، وأن تلك المخالفات التي بيَّن أمير المؤمنين شُعَبَها توصل إلى الكفر الذي يحرم الإنسان من محبة الله تعالى بل تستوجب غضبه: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾.

وهنا سماحة الشيخ نطرح عليكم السؤال في هذه الحلقة: كيف استشهد أمير المؤمنين سلام الله عليه بالآية الكريمة - والتي هي كما أشرنا الآية الثانية والثلاثون من سورة آل عمران - ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾؟ كيف استشهد أمير المؤمنين علي بالآية الكريمة وهو في مورد الحديث عن سلوكيات بعض المسلمين؟ تفضلوا.

الشيخ مصطفى العاملي:

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على خير رُسله وأعز أنبيائه سيدنا ونبينا محمد، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين ﴿الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنهمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا﴾. السلام عليكم أيها المشاهدون الكرام في كل مكان، والسلام عليك أخي الكريم.

المُقدِّم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. سماحة الشيخ إذا تسمحون لي أن نشير للإخوة المشاهدين الأعزاء أننا سنستلم إن شاء الله اتصالاتكم ومداخلاتكم على الأرقام التي سوف تظهر على الشاشة أو في أسفل الشاشة حول موضوع البحث والذي هو طاعة الله ورسوله سبب للرحمة. تفضلوا سماحة الشيخ.


مقارنة المنهج في العطاء (السوية والطبقية)

الشيخ مصطفى العاملي:

أخي الكريم، في الواقع في هذا اللقاء سنتناول بعض الجوانب المرتبطة ببعض التساؤلات التي سيصل إلى جوابها المستمع الكريم، وذلك من خلال استعراضنا لما ذكره أمير المؤمنين عليه السلام ولما يرتبط بسبب كلام أمير المؤمنين عليه السلام.

هناك كلام لأمير المؤمنين استعمله في خطبة له وذكر الآية الكريمة التي تفضلتم بها، الآية الثانية والثلاثون: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾. هنا نلاحظ أن أمير المؤمنين عليه السلام عندما ذكر هذه الآية في سياق خطبته كانت مرتبطة بحدث ما حصل. هذا الحدث هو في المرحلة التي تولى بها أمور الخلافة. والمعروف أن أمير المؤمنين عليه السلام عندما تولى أمور الخلافة وجد إرثاً ثقيلاً بين الناس، بحيث حاول أن يعود بالأمة إلى الجذور. واحدة من المسائل التي سنتحدث عن بعض جوانبها ليتضح الموضوع، وبالتالي كيف استشهد أمير المؤمنين عليه السلام. وبالتالي نرى من خلال تلك المقارنة من هم الأئمة الحقيقيون الذين يمكن أن يكون الله تعالى قد قصدهم بقوله: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ﴾. إذ لا يمكن لله تعالى أن يأمر بطاعة مختلفة معاً، هناك منهج معين يأمر الله تعالى به، هذا المنهج هناك التزام به، ما يخالف هذا المنهج لا يمكن لله أن يأمر به، يعني لا يمكن أن يأمر بالشيء وضده على الإطلاق طبعاً.

المُقدِّم: سماحة الشيخ، دعني أيضاً أن أشير للإخوة المشاهدين الكرام بأن هذه الآيات التي تناولنا قسماً منها في الحلقات السابقة والتي منها الثانية والثلاثون من سورة آل عمران: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾، هذه الآيات الإحدى عشرة هي طبعاً في سياق الآيات التي تتحدث عن طاعة الله وطاعة رسوله. وقد يسأل سائل منكم أيها الأعزاء مثلاً لحد الآن لم نتحدث عن أئمة الهدى وهو عنوان برنامجنا، أو لم نتحدث عن أولي الأمر كما هي في الآية المحورية التي تحدثنا عنها في بداية الحلقات. طبعاً هذه إذا تحدثنا ووضحنا، وسماحة الشيخ طبعاً قام بتوضيح هذه المسألة، وطاعة رسوله، سوف يتبيَّن ويتوضَّح طاعة أولي الأمر، باعتبار هناك قرن بين طاعة الله ورسوله وطاعة أولي الأمر، ومنهم المقصودون بأولي الأمر. تفضل سماحة الشيخ.

الشيخ مصطفى العاملي:

أمير المؤمنين عليه السلام كما أسلفنا أنه عندما تولى مقاليد الخلافة، هناك أمر أراد أن يتعاطى معه ألا وهو مسألة السوية بالعطاء. المسلمون في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت لديهم موارد مالية، هذه الموارد المالية التي لها مصادر متعددة، رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت له منهجية في التعاطي المالي مع المسلمين، فكان يوزع المال بالسوية بين جميع المسلمين، لا يُميّز بين كبير أو صغير، بين عربي أو أعجمي، بين مهاجر أو أنصاري، جميع المسلمين في العطاء سواء. هذا ما كان يقوم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويرى أن التفاضل بين الناس ليس من الناحية المادية، الناحية المادية التي يمنحها أو يوزعها النبي للمسلمين هي حق متساوٍ للجميع دون تمايز بين إنسان وإنسان آخر. هذه كانت منهجيته.

وبعد وفاته، في عهد الخليفة الأول، سار على هذا المنهج بنحو عام وليس بشكل كامل، إذ كانت هناك حالة من التفاوت التي كان يقوم بها. حصل أمر ما في عهد الخليفة الأول، وهو أن الخليفة الثاني اقترح فيما بعد - عمر بن الخطاب - اقترح على أبي بكر أن يكون هناك تفاوت بالعطاء، يعني لماذا تُعطي جميع المسلمين؟ هذا الاقتراح في زمن أبي بكر. الخليفة الأول لم يقبل بهذا الاقتراح كما تقول جميع المصادر التاريخية التي تنقل هذه الأصول.

بعد وفاة الخليفة الأول وتولي عمر بن الخطاب للأمر، هنا عمد إلى تطبيق فكرته التي كان قد اقترحها على الخليفة الأول أبي بكر، وقال لا بد من أن يكون هناك تمايز في العطاء. فكان هذا التمايز بلحاظ صفات يوصف بها هؤلاء المسلمون. فمثلاً أعطى للمهاجرين والأنصار ممن كان قد شهد معركة بدر خمسة آلاف، ولمن لم يشهد بدراً، كان مسلماً ولكنه لم يشهد بدراً، أعطاه أربعة آلاف. بدأ عملية التمايز والطبق المادي في العطاء. فُرض مثلاً لأزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكل واحدة اثني عشر ألفاً، واستثنى اثنتين: صفية وجويرية، فقد فرض لكل واحدة من هاتين ستة آلاف. وميّز العباس عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باثني عشر ألفاً. أعطى لأسامة بن زيد أربعة آلاف، أعطى لابنه عبد الله بن عمر ثلاثة آلاف. ويذكر أن ابنه اعترض: لماذا تعطي أسامة بن زيد أربعة آلاف وتعطيني أنا ثلاثة آلاف؟ وصار هناك حديث.

المُقدِّم: سماحة الشيخ إذا تسمح لي، هل أن هذا التوزيع في العطاء من قِبَل عمر، يعني هناك مِلاك معين محدد يُقسم به؟ أم استنساب؟

الشيخ مصطفى العاملي: استنساب كما قلنا ضمن هذه المواصفات، ثم مثلاً كان له تمييز طبقي من نوع آخر في العطاء على الموالي، على غير العرب، والصريح على المولى، إلى آخر تلك التفاصيل التي قام بها.

ماذا نَتَجَ عن هذه المنهجية التي اعتمدها الخليفة الثاني في العطاء؟ إذن ما هو الآن سؤال يكون هكذا: ما هو موقف أمير المؤمنين سلام الله عليه من هذا النهج في العطاء؟

الشيخ مصطفى العاملي: هذا كان هو من يملك السلطة في ذلك الوقت. من الطبيعي أنه لم يكن راضياً عن ذلك، والدليل على ذلك ما صرَّح به فيما بعد ما سنذكره في سياق حديثنا.

هذه المنهجية في السلوك نلاحظ أنها أوجدت الطبقية في الإسلام. كان الجميع متساوون في أمور معيشتهم، مما يعني ليس هناك تمييز إلا مما ينتجه الشخص من كد يمينه أو من تجارته أو من عمله. أما بلحاظ ما يتقاضاه من بيت مال المسلمين فكان الجميع سواسية. هذه الحالة الطبقية إذا لاحظنا أنها ترافقت مع الفتوحات الإسلامية وزيادة في الأموال التي ترد إلى بيت مال المسلمين، فنجد أن هناك تضخماً في الثروات صار عند شريحة من شرائح المسلمين، وهم الذين يُوصفون ببعض تلك الصفات بحيث كانوا يُميّزون في العطاء، فأصبح هناك خلل اجتماعي في هذه المسألة.

كان هذا طوال عهد الخليفة الثاني. انتقل الأمر بعد ذلك إلى الخليفة الثالث عثمان بن عفان. عثمان بن عفان زاد من مسألة التمييز، بحيث أنه ميّز الأقارب من عائلته من الأمويين، خصّهم بمبالغ، كانت هناك تخصيصات لأفراد ينتسبون إليه بشكل أو بآخر. منهم من يهبه المبالغ الكبيرة، منهم من يهبه الأراضي، منهم من يعطيه أشياء كثيرة. وهناك في كتب التاريخ التي تتناول هذه المسألة جداول مفصلة عن ذلك، مما كان أحد الأسباب التي جعلت المسلمين يثورون على الخليفة الثالث باعتباره أنه ليس عادلاً في العطاء.

المُقدِّم: سماحة الشيخ، هذا إطلاق يد مروان بن الحكم في زمنه.

الشيخ مصطفى العاملي: هذه واحدة من الأمور، وهي من المسائل الكبيرة جداً. وخصَّ مثلاً مروان وسعيد بن العاص منحه وأشياء كثيرة، وعبد الله بن خالد، الوليد بن عُقبة، هذه الطبقة التي تنتسب لها. حتى أن مثلاً يذكر المؤرخون أن زيد بن أرقم كان أميناً للمال في زمن الخليفة الثالث عثمان بن عفان، استغرب الأمر: جاء كيف يُعطى مثل فلان وفلان هذا المال؟ فيقول له: أنت زيد بن أرقم. فَتَذَمَّر من خلال هذا التبذير الواسع في توزيع الأموال، فجاء هو ووضع المفاتيح أمامه وصار يبكي. ماذا برَّر الخليفة قوله؟ أتبكي إن وصلتُ رحمي؟ اتركها. تركها. إننا سنجد غيرك.

المُقدِّم: يعني يظهر سماحة الشيخ، دور إطلاق يد مروان ليس في مسألة المال فقط، يعني دور إطلاق يد مروان في الحكم وحتى وصل به الأمر إلى أن يسرق مثلاً ختم الخليفة وهو يختم بدلاً عن الخليفة مثلاً الكتب الرسمية وغيرها.

الشيخ مصطفى العاملي: هذه المسألة تعاضدت جداً، هذه التي تعطي صورة عن عدم وجود عدل في قيادة الأمة. وهنا يُطرح السؤال: هل أن مثل هذه السلوكيات هي مما يرضى عنه الله ورسوله؟ يأتينا الجواب أين، عندما تولى أمير المؤمنين عليه السلام الحكم.

وخصوصاً سماحة الشيخ، شخصية مروان نفسه، باعتبار شخصية منبوذة وطريدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. مثلاً عندما نفى أبو ذر إلى بلاد الشام رضوان الله عليه، نتيجة موقف من أبي ذر بمواجهة كعب الأحبار... كعب الأحبار اليهودي. دخل في أحد الأيام أبو ذر إلى مجلس (في زمن عمر) ووجد المسلمين جالسين، بعض المسلمين، والخليفة جالس ويستفتون كعب الأحبار الذي أسلم في مرحلة متأخرة. فغضب أبو ذر وضربه على رأسه وقال: "أتُفتي المسلمين يا ابن اليهودية؟" غضب منه الخليفة الثالث، وقال له: ما ضربته إلا لأنه صاحبي.

نحن مورد حديثنا ليس مناقشة تلك السلوكات، بقدر ما هو يرتبط بالجانب المالي الذي هو مورد حديثنا مما قاله أمير المؤمنين عليه السلام، لأنه عندما ولي الأمر ماذا قال عن مسألة المال؟ نعم، قال: "كَانَ خَلِيلِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم لَا يَحْبِسُ شَيْئًا لِغَدٍ". عندما تأتي أموال يوزعها. "وَقَدْ رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ رَأْياً". رأي خالف ما كان يقوم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ودوَّن الدواوين وأخَّر المال إلى آخرين.

"أَمَّا أَنَا" هنا الشاهد بالمسألة "فَأَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ خَلِيلِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم". ولذا يحدثنا التاريخ بأن عليّاً عليه السلام كان ينضح بيت المال ثم يتنفل فيه، يعني يصلي بعد أن يكنسه ويوزع الأموال ويصلي فيه ركعتين نافلة، يقول: "اشهد لي يوم القيامة أني لم أحبس فيك المال على المسلمين". المال الذي أنا مؤتمن عليه هو للمسلمين، لا أُبقي منه شيئاً. حتى أنه مثلاً، لاحظ هنا المقياس، وهنا تتضح لنا الصور العملية لمن يمكن أن يؤمروا بالطاعة وتكون طاعتهم مقرونة بطاعة الله ورسوله.

أُتي إلى علي عليه السلام بمال تقول بعض الروايات من أصفهان، فوجد فيه رغيفاً. وزَّع الأموال ثم بقي رغيف. هذا الرغيف كسره سبع كِسَر. لماذا سبع كِسَر؟ لأن الوحدات الكوفة في تلك الفترة كانت مكونة من سبع وحدات بمصطلحنا الحالي، فهي كانت تسمى سبع أسباع. فحتى هذا الرغيف يقسمه بين الأسباع السبع، يستدعي أمراء الأسباع ويسلّم لكل واحد منهم قطعة من هذا الرغيف، ولكي لا يُميّز واحداً عن الآخر. حتى مع جنوده ومع قواده يعمل قرعة لمن يعطيه أولاً حتى لا يبقى شيء بنفس أحدهم على الآخر.

وهنا نجد مثلاً من النماذج العملية التي عاشها أمير المؤمنين عليه السلام. ينقل أحدهم أنه جاء مع قنبر، قنبر معروف خادم أمير المؤمنين عليه السلام. التفت قنبر إلى أمير المؤمنين عليه السلام، قال له: قم يا أمير المؤمنين فقد خبأت لك خبيئة. يعني قنبر أراد أن يخص أمير المؤمنين بشيء. فذهب معه وإذ بقنبر الخادم قد خبأ جامات (أوعية) من الذهب والفضة. قال: يا أمير المؤمنين إنك عندما توزع الأموال لا تترك شيئاً، فأنا ادخرت هذه ربما تحتاجها لأمور. ماذا كان كلام أمير المؤمنين عليه السلام؟ التفت إلى قنبر مغضباً وقال: "لَقَدْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُدْخِلَ بَيْتِي نَاراً كَثِيرَةً".

المُقدِّم: سماحة الشيخ نتوقف هنا، نذهب إلى فاصل ونعود إليكم إن شاء الله وإكمال هذا البحث المهم والشيّق إن شاء الله.


الطاعة الموصلة للرحمة

المُقدِّم: أحبتي المشاهدين، نرحب بكم مرة أخرى ونرحب أيضاً بسماحة الشيخ الشيخ مصطفى محمد مصري العاملي أهلاً ومرحباً بكم في برنامجكم برنامج أئمة الهدى. أهلاً وسهلاً بكم.

المُقدِّم: سماحة الشيخ، ما زلنا في الحديث حول السؤال الذي طرحناه عليكم: كيف استشهد أمير المؤمنين عليه السلام بالآية الكريمة وهي الآية الثانية والثلاثون من سورة آل عمران: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾؟ تفضلوا.

الشيخ مصطفى العاملي:

أسلفنا قبل الفاصل بالحالة التي عاشها أمير المؤمنين عليه السلام أمام الواقع الذي كان قد غيَّره بعض من سبقه، وحاول أن يرجع الأمور إلى ما كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ونشاهد أن من سبقه كان يستأثرون بالمال ويخصون حاشيتهم والأقرباء منهم ويُميزونهم بالذهب والفضة وكل ذلك.

أما علي عليه السلام فكان يقول: لا تمييز بالمال في العطاء بين مسلم ومسلم، لا لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى. فذاك ميزان التفاضل عند الله. أما الحقوق المالية فهي حقوق واحدة مشتركة بين الجميع. ولذا نجد أنه عندما جاءه قنبر كما ذكرنا وكان قد ادخر شيئاً من الأموال من بيت المال، سلَّ سيفه، ضربها فانتثرت وقال: "قَسِّمُوهُ بِالْحِصَصِ". وزعوه ولم يبق شيء أبداً.

جاءت امرأتان مثلاً، إحداهما من العرب والأخرى من الموالي، أعطى لكل واحدة منهن خمساً وعشرين. فالتفتت تلك وقالت: أنا عربية. فقال: "إِنِّي لَا أَجِدُ لِبَنِي إِسْمَاعِيلَ فِي هَذَا الْفَيْءِ فَضْلاً عَلَى بَنِي إِسْحَاقَ" بالعطاء. الجميع سواسية، لا تمييز لإنسان على آخر. وله قصته مع أخيه عقيل معروفة ومشهورة عند المشاهدين.

ولذا نجد مثلاً بعض أصحابه قد اقترح: يا أمير المؤمنين، لماذا لا تستجلبهم؟ تزد لهم في العطاء؟ فقال: "أَتَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ؟ وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ". ثم يقول: "لَوْ كَانَ الْمَالُ لِي لَوَاسَيْتُ بَيْنَهُمْ فَكَيْفَ وَالْمَالُ مَالُ اللَّهِ؟" هذه منهجية علي عليه السلام.

لذا نجد أنه عندما اعترض عليه القوم في مسألة العطاء، جمعهم، فقال يخاطب الناس: "أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْضَلُ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ خَطَراً مَنْ؟ أَطْوَعُهُمْ لِأَمْرِ اللَّهِ وَأَعْمَلُهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَأَتْبَعُهُمْ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، وَأَحْيَاهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ". هنا يبين الفضل الحقيقي للناس. فليس لأحد من خلق الله عندنا فضل إلا بطاعة الله وطاعة الرسول.

إذن علي عليه السلام يرسم مسار العلاقة: طاعة الله، طاعة الرسول، طاعتنا. والالتزام بطاعتنا هو في نفس النهج، لا يمكن أن نخالف شيئاً مما سَنَّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ثم يقول: "إِلَّا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَاتِّبَاعِ كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ". هذا كتاب الله بين أظهرنا. من جانب آخر ماذا يقول؟ ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾. ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾.

ويقول في عبارة أخرى: "هَذَا كِتَابُ اللَّهِ الصَّامِتُ وَأَنَا كِتَابُ اللَّهِ النَّاطِقُ".

المُقدِّم: سماحة الشيخ، كتاب الله الناطق وكتاب الله الصامت، لماذا أكَّد وركَّز على هذه المسألة مع أن القرآن موجود؟ لماذا يركز على أنه أنا كتاب الله الناطق؟

الشيخ مصطفى العاملي:

في القرآن الكريم كما أسلفت يقول: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾. ويقول: ﴿فِيهِ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾. إذن نحن علينا أن نأخذ هذه الحقائق، هذه التفاصيل، هذه المعرفة القرآنية ممن؟ ممن عنده علم الكتاب. وليس ممن يأخذ الأمور المتشابهة وبالتالي يدلس على الناس دينهم ويرتكب الموبقات ويرتكب المعاصي ويقول أنا مما يُطاع.

هو الذي يفهم القرآن ويفهم آيات القرآن ويفهم أين نزلت الآية وبِمَن نزلت وما المقصود منها. وبالتالي حينئذ يكون قوله تجسيداً لكون هذا الكتاب كتاب الله الصامت وهو كتاب الله الناطق.

وهنا نجد في هذا الإطار كلامه واستشهاده بالآية بعد أن بيَّن أن الفضل عند الله بالعمل، وأن الأمور كلها لا بد أن تكون على سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن سنة رسول الله في العطاء كانت واحدة.

المُقدِّم: ورد اتصال الأخ ستار من الصويرة، يظهر انقطع الاتصال، إن شاء الله يعاود الاتصال. نعم تفضلوا سماحة الشيخ.

الشيخ مصطفى العاملي:

فهنا يُبيّن يريد أن يقول: هذا كتاب الله بين أظهرنا، عهد نبي الله وسيرته، سيرته العملية، أنتم كنتم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكنتم تسمعون منه وكنتم تشاهدون ماذا يفعل. سيرته فينا لا يجهلها إلا جاهل مخالف معاند.

يقول الله - وهنا يبيّن الحكمة في مسألة التساوي -: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾. فمن اتقى الله فهو الشريف المكرم المحب. وهنا كلمة "المحب" إشارة إلى عنوان بحثنا: من هو الذي يحبه الله تعالى ومن هو الذي يمكن أن يرحمه الله تعالى؟ وكذلك أهل طاعته وطاعة رسوله.

يقول تعالى في كتابه الكريم: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.

وهذا الكلام لأمير المؤمنين في خطبته، ويقول هنا مورد الشاهد عندما استخدم هذه الآية الكريمة وقال: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾. الآية الثانية والثلاثون من سورة آل عمران. ﴿لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾. وخطابه للمسلمين، ليس خطابه لغير المسلمين. وخطابه لمجموعة من المسلمين التي اعترضت على أنه عاد بهم إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن نمت الطبقية من خلال سيرة من سبقه من الخلفاء، وحصل في الأمة ذاك التفاوت الفاحش.

علي عليه السلام أراد أن يعود بسيرته ليكون نموذجاً من النماذج المتطابقة مع ما يريده الله ورسوله. وبالتالي اعتبر أن أي مخالفة لهذا النهج هي تدخل الإنسان في التمرد الذي يوصل إلى الكفر. وهذا الكفر بالمعنى هو ليس كفر جحود بل كفر عصيان وتمرد.

بعد هذه الكلمة صاح بأعلى صوته: "يَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ... وَيَا مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ، أَتَمُنُّونَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ بِإِسْلَامِكُمْ؟ وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ عَلَيْكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ". نجد هنا يرسم معلماً من المعالم التي لا بد من أن تلتفت إليها الأمة.

المُقدِّم: هنا سماحة الشيخ، كيف يكون المَنُّ لرسول الله على المسلمين بشكل عام؟ من الله سبحانه وتعالى قد يكون واضحاً ومفهوماً، ولكن من رسول الله على المسلمين كيف يكون؟

الشيخ مصطفى العاملي:

هنا المَنُّ لرسول الله على المسلمين: ﴿وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ عَلَيْكُمْ﴾ بأن كان هو الباب الذي تدخلون منه إلى هداية الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا﴾. إذن نور الهداية ونور المعرفة هو من خلال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ولعل هنا تحضرني قصة بالموضوع تشير إلى حقيقة الأثر كيف يمكن أن تنقل بالأمور. حديث يُروى عن الإمام الصادق عليه السلام يقول: "دَخَلَ الْمَسْجِدَ اثْنَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، أَحَدُهُمَا عَابِدٌ للهِ تَعَالَى، وَالْآخَرُ فَاسِقٌ".

هذا العابد ماذا فعل؟ رمق صاحبه بِطَرْفِهِ، صار يتحدث بينه وبين نفسه: قال أين أنا وأين هو؟ ثم ترقت الفكرة عنده أكثر، قال: أمضيت عمري في طاعة الله، دخل إليه الشيطان بعد، قال: إن لي عند ربي.

الثاني، الفاسق الذي دخل المسجد، رمق السماء بطرف، ناجى ربه قائلاً: "رَبِّي أَمْضَيْتُ عُمْرِي فِي مَعْصِيَتِكَ، هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟" فَعَلِمَ اللهُ الصِّدْقَ فِي كَلَامِهِ، فَغَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَعَدَّهُ صِدِّيقًا، وَكَانَ مِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ ﴿يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾. أما ذاك الأول فَمَنَّ على الله بعبادته فصار زِنْدِيقًا.

المُقدِّم: هنا سماحة الشيخ، كيف يمكن لنا أن نكون من القسم الثاني من هذا الإنسان الذي كان غير ملتزم، وكيف هدَاهُ إلى الصراط المستقيم في دخوله المسجد واللجوء لله سبحانه وتعالى إذا تمسكنا بمنهج الرسول والأئمة أئمة الهدى سلام الله عليهم؟ ما هو البرنامج العملي؟

الشيخ مصطفى العاملي:

لدينا عنوانان بالبدء للحديث يكون للجميع: أولاً، أن نعرف من هم ونلتزم بهديهم وطاعتهم. وبالتالي نكون حينئذ من المصاديق الذين أُمرنا في الآية الأولى التي هي محور البحث بطاعتهم. وعندما نعرف من هم هؤلاء، نحاول أن نكون صادقين. مسألة الصدق هي الدرجة الأولى التي تؤثر على كثير من جوانب حياة الإنسان. عندما نكون صادقين مع أنفسنا، صادقين في تعاطينا مع الآخرين، صادقين في انتمائنا، صادقين في ولائنا، صادقين في تمسكنا بالمنهج القويم الذي يرسمه أئمة الهدى، حينئذ نكون مع الناجين.

من يمكن أن يكون قد أخطأ في حياته، هناك طريق التوبة الذي جعله الله مفتوحاً لعباده. ومن يدخل إلى قلبه العُجب والغرور ويتبع الهوى، حينئذ يصبح من أولئك: ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ﴾. حينئذ يكون قد دخل في طريق الانحراف. وهذا ما يظهره أمير المؤمنين عليه السلام في خطابه بالقول من أن هذه هي سنة رسول الله، إن تمردتم وخالفتم وعلمتم الحقيقة وابتعدتم عنها، حينئذ يكون ممن تنطبق عليهم الآية الكريمة من أن ﴿اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ الذين يبتعدون عن طاعة الله وطاعة رسوله.

المُقدِّم: سماحة الشيخ، نختم بمسألة الرحمة، باعتبار الطاعة يوصل إلى الرحمة: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾. أي رحمة هي التي توصل إليها الطاعة؟ وهل أنها على نحو الجزم واليقين أم على نحو الظن والتخمين؟

الشيخ مصطفى العاملي:

في الواقع الرحمة الإلهية على نوعين: هناك رحمة لجميع عباده في الحياة الدنيا، وهناك رحمة خاصة للمؤمنين في العالم الآخرة. وهذا التمايز بين الرحمتين يكون استناداً إلى ما يقوم به الإنسان في هذه الحياة.

الطاعة لوحدها لا تكفي، لأنه يمكن إنسان يطيع الله ويطيع الرسول ولكن لا تكون طاعته وفق ما يريده الله ورسوله. عندما تطيع الله والرسول وتحقق الشرائط الأخرى، تصل على نحو اليقين، وإلا تبقى على نحو الظن والتخمين. وبالتالي تكون طاعة الله وطاعة الرسول: ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ عندما نحقق معها العناصر الأخرى التي تؤدي إلى صحة وصفاء النفس وصفاء الروح وصفاء السلوك وصفاء العقيدة. وحينئذ نصل إلى رحمة الله التالية التي تشمل عباده ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.

المُقدِّم: أحسنتم سماحة الشيخ، جزاكم الله خير الجزاء. يظهر انتهى وقت البرنامج.

مشاهدينا الأعزاء، في نهاية اللقاء نشكر سماحة الشيخ مصطفى محمد مصري العاملي، الباحث الإسلامي والأستاذ في الحوزة العلمية. ونشكركم كذلك على حسن المتابعة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

طباعة
2015/09/05
9,124
تعليق

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!