||   أهلاً بكم في كتاباتي .. زُواراً وقُرَّاء ... مع خواطرَ وذكريات .. مقالات وحكايات ..صور وتسجيلات ..أسئلة وإجابات..مع جديد الاضافات ، أدونها في هذه الصفحات .. مصطفى مصري العاملي   ||   يمكنكم متابعة البرنامج المباشر أئمة الهدى على قناة كربلاء الفضائية في الساعة الرابعة عصر كل يوم اربعاء بتوقيت كربلاء . ويعاد في الخامسة من فجر كل يوم الخميس .   ||  

حكمة الساعة :

قَالَ علي (ع)إِذَا تَمَّ الْعَقْلُ نَقَصَ الْكَلَامُ .

البحث في الموقع :


  

الكتب :

  • كتاب رحلة في عالم الصلاة
  • كتاب رحلة في عالم الصلاة
  •  مناسك الحج والعمرة مع شرح وملحق استفتاءات
  • الطهارة مسائل واستفتاءات
  • كتاب التقليد والعقائد
  • شرح منهاج الصالحين، الملحقات الجزء الثالث
  • شرح منهاج الصالحين، المعاملات الجزء الثاني
  • شرح منهاج الصالحين، العبادات الجزء الاول
  • رسائل أربعين سنة

جديد الموقع :



 أماه ... لقد تغير كل شيء .. فمتى اللقاء؟

 حديث حول المرجع الراحل السيد الروحاني وبيان ارشادي لمقلديه

 الاعلان عن موعد تشييع المرجع الراحل

 الوكيل العام لسماحة السيد الروحاني قدس سره ينعاه

  رحم الله آبا آمنة.. له مع أئمة الهدى بصمات لا تنسى

 من أهم ما يهدى الى الميت بدقائق

 كيف يتحمل عقل الانسان العادي احداث المنايا والبلايا

 إضحك مع مغالطة ( والله العالم ) من منكري التقليد

 لا تغضبوا المتوالي.. ولو قيدته الشريعة..

 لماذا اخر الامام علي (ع) صلاة العصر وكرامة رد الشمس ؟

 كشف حقيقة خالد ابن الوليد !!

 رؤية الهلال بين العين الطبيعية والعين المسلحة

 رؤية الهلال بين اتحاد الافق و اختلاف الافق

 هل قال علي (ع) هذا الكلام ؟كلام منسوب للأمير (ع) بين الإفراط والتفريط

 هل أغاثهم علي (ع) قبل ولادته ؟

مواضيع متنوعة :



 الحلقة 3 عاشوراء : مدرسة أم جامعة ؟

 الحلقة الحادية عشر

  رحمك الله يا ام هادي...

 اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ( الحلقة الاولى)

 تأملات في كلام فاطمة بنت اسد ج3 - الحلقة 216

 ولي الله في القران ج1- الحلقة 172

 شكرا سيدي يا حسين

 تأملات في علم عمر ج1 - الحلقة 118

 المراد من السنة في القرآن الكريم - سنن المعصومين الحلقة 3

 مع سلمان المحمدي - حلقة 209

 هل قال علي (ع) هذا الكلام ؟كلام منسوب للأمير (ع) بين الإفراط والتفريط

 علي عليه السلام في القرآن ج15 - الحلقة 252

 علي عليه السلام ومبيته على فراش النبي (ص) ج6 - الحلقة 235

 رحلتي الى أعظم حجّ في التاريخ .. الى كربلاء- الحلقة الثالثة ( ودخلت العراق من جديد)

 هذا أنا

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 3

  • الأقسام الفرعية : 32

  • عدد المواضيع : 685

  • الألبومات : 5

  • عدد الصور : 36

  • التصفحات : 6763612

  • التاريخ : 29/03/2024 - 08:35

 
  • القسم الرئيسي : كتاباتي .

        • القسم الفرعي : الى كربلاء .

              • الموضوع : رحلتي الى أعظم حجّ في التاريخ ..الى كربلاء .. الحلقة الثالثة عشر .(في مسجد السهلة ).. .

رحلتي الى أعظم حجّ في التاريخ ..الى كربلاء .. الحلقة الثالثة عشر .(في مسجد السهلة )..

 

رحلتي الى أعظم حجّ في التاريخ .. الى كربلاء
الحلقة الثالثة عشر.. في مسجد السهلة..
ها نحن نقف بخشوع قبل أن نلج مكانا قدسيا سامياً..
إن كان الخطاب من الله تعالى قد جاء يوما لنبيه موسى قائلا: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (طـه: من الآية12) ، فماذا عسى أن يكون الخطاب في هذا المكان الذي يحتل في كل زاوية من زواياه رمزية تعود بنا الى عظمة الرسالات، وعظمة الرسل..
لا ضير في أن تكثر تسميات هذا المسجد..
فيسمّى بمسجد البر ، لكثرة خيره وبركاته .
ويسمى مسجد عبد القيس، لأنّه يقع في خطة بني عبد القيس .
ومسجد بني الظفر ، لأنّه يجاور ويحادد خطة بنو ظفر.
ويسمى مسجد سهيل كما أسماه الامام الصادق عليه السلام يوما عندما خاطب أبا حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قائلا:  يَا أَبَا حَمْزَةَ هَلْ شَهِدْتَ عَمِّي لَيْلَةً خَرَجَ؟
 قَالَ: نَعَمْ.
 قَالَ: فَهَلْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ سُهَيْلٍ؟
 قَالَ: وَ أَيْنَ مَسْجِدُ سُهَيْلٍ؟ لَعَلَّكَ تَعْنِي مَسْجِدَ السَّهْلَةِ؟
 قَالَ: نَعَمْ.
 قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَوْ صَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ اسْتَجَارَ بِاللَّهِ لَأَجَارَهُ سَنَةً.
 فَقَالَ: أَبُو حَمْزَةَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي هَذَا مَسْجِدُ السَّهْلَةِ قَالَ نَعَمْ...
ويسميه في حديث آخر مسجد الثرى..
فقد سأل الْعَلَاء بْنِ رَزِينٍ قَائلاَ: أتُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي عِنْدَكُمْ الَّذِي تُسَمُّونَهُ مَسْجِدَ السَّهْلَةِ، وَ نَحْنُ نُسَمِّيهِ مَسْجِدَ الثَّرَى؟
 قُلْتُ: إِنِّي لَأُصَلِّي فِيهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ.
 قَالَ: ائْتِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِهِ مَكْرُوبٌ إِلَّا فَرَّجَ اللَّهُ كُرْبَتَهُ.
 أَوْ قَالَ: قَضَى حَاجَتَهُ.
 وَ فِيهِ زَبَرْجَدَةٌ فِيهَا صُورَةُ كُلِّ نَبِيٍّ وَ كُلِّ وَصِيٍّ..
أهي السيرة الذاتية لكل نبي؟ .. لا ندر كنه تلك الحقيقة..
ولكن الاسم الابرز يبقى مسجد السهلة..  فهو الذي وردت باسمه الروايات الكثيرة التي تحكي فضله، ومكانته..
فقد قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع : مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ السَّهْلَةِ رَكْعَتَيْنِ زَادَ اللَّهُ فِي عُمُرِهِ سَنَتَيْنِ .
نستذكر كل تلك الصور والعناوين قبل أن نلج الى محراب الانبياء..
وهنا قد يشدّك الشوق والحنين لتسأل مستفسراً وأنا أنقل مشاعري عن هذا المسجد عن موقعه  ومساحته.
لا بأس.. سأيمّم شطر الجغرافيا بعد التاريخ لأنقلك الى حيث أنا.. لكي تخترق الزمن والمساحات..  
لقد أشرت الى مكانه بشكل موجز، وها أنذا انقل اليك ما ترغبه من تفصيل..
إنه يقع في الجهة الشمالية الغربية في مسجد الكوفة .
ويبعد كيلو مترين تقريباً عنه .
مساحته مستطيلة طوله 140 متراً وعرضه 125 متراً .
وفي منتصف الضلع الشرقي تقع مأذنة طويلة يبلغ ارتفاعها 30 متراً.
و هو يشهد الان ورشة عامرة في أكثر من جهة .
مقامات المسجد :
يحتوي المسجد على عدة مقامات تنتشر في ساحته وزواياه وهي :
1- مقام إبراهيم الخليل عليه السلام ، في الزاوية الشمالية الغربية للمسجد ، وهو موضع بيته عليه السلام .
2- مقام الخضر عليه السلام ، في الزاوية الشرقية الجنوبية.
3- مقام النبي صالح عليه السلام ، في الزاوية الشمالية الشرقية، ويطلق عليه مقام الصالحين .
4- مقام إدريس عليه السلام ، في الزاوية الجنوبية الغربية .
5- مقام الإمام زين العابدين عليه السلام ، في الزاوية الجنوبية الشرقية .
6- مقام الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، في وسط المسجد تماماً .
7- مقام الإمام الحجة (عج) ، في وسط الجهة الجنوبية من المسجد ، وكان له بنية خاصة ، تعلوه قبة ، ولكنه الان يخضع لاعادة البناء مع التوسعة .
هذه المقامات نشاهدها في خريطة جدارية كبيرة بعد أن نتجاوز نقطة التفتيش امام الباب الرئيسي الذي ندخل منه من الجهة الشرقية للمسجد..
نقف لنقرأ دعاء الاستئذان وندخل بعد أن نخلع ثوب الحاضر لنلبس ثوب الماضي الحاكي عن المستقبل.. نتنقل بخطى هادئة وترتسم أمامنا صور عن تلك الحقب المنصرمة في علم الزمان ، والحاضرة في علم الوجدان، لننتقل منها الى صور الغد المنتظر.. مع الامام المنتظر.. فنعيش معاني الانتظار.
مقام الامام الصادق
 محطتنا الاولى في وسط المسجد عند مقام الامام الصادق.. صادق أهل البيت.. وكلهم صادقون..أكبر الائمة الراحلين سناً..
نصلي ركعتين كما صلى الامام الصادق في هذا المكان.. ونعيش مع تلك الساعة التي قصد بها هذا المسجد.. ويا لها من ذكرى ..
نطوي الزمان لنستمع الى بَشَّارٍ الْمُكَارِي وهو يقول:
دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع بِالْكُوفَةِ، وَ قَدْ قُدِّمَ لَهُ طَبَقُ رُطَبٍ طَبَرْزَدٍ وَ هُوَ يَأْكُلُ، فَقَالَ لِي: يَا بَشَّارُ، ادْنُ فَكُلْ.
 فَقُلْتُ هَنَّاكَ اللَّهُ وَ جَعَلَنِي فِدَاكَ، قَدْ أَخَذَتْنِي الْغَيْرَةُ مِنْ شَيْ‏ءٍ رَأَيْتُهُ فِي طَرِيقِي، أَوْجَعَ قَلْبِي، وَ بَلَغَ مِنِّي.
 فَقَالَ لِي: بِحَقِّي لَمَّا دَنَوْتَ فَأَكَلْتَ.
 قَالَ: فَدَنَوْتُ وَ أَكَلْتُ.
 فَقَالَ لِي: حَدِيثَكَ.
 فَقُلْتُ: رَأَيْتُ جِلْوَازاً يَضْرِبُ رَأْسَ امْرَأَةٍ يَسُوقُهَا إِلَى الْحَبْسِ وَ هِيَ تُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهَا، الْمُسْتَغَاثُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ، وَ لَا يُغِيثُهَا أَحَدٌ.
 قَالَ: وَ لِمَ فَعَلَ بِهَا ذَاكَ؟
 قَالَ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ، إِنَّهَا عَثَرَتْ فَقَالَتْ: لَعَنَ اللَّهُ ظَالِمِيكِ يَا فَاطِمَةُ، فَارْتَكَبَ مِنْهَا مَا ارْتَكَبَ.
 قَالَ: فَقَطَعَ الْأَكْلَ، وَ لَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى ابْتَلَّ مِنْدِيلُهُ وَ لِحْيَتُهُ وَ صَدْرُهُ بِالدُّمُوعِ.
 ثُمَّ قَالَ: يَا بَشَّارُ، قُمْ بِنَا إِلَى مَسْجِدِ السَّهْلَةِ، فَنَدْعُوَ اللَّهَ وَ نَسْأَلَهُ خَلَاصَ هَذِهِ المَرْأَةِ.
 قَالَ: وَ وَجَّهَ بَعْضَ الشِّيعَةِ إِلَى بَابِ السُّلْطَانِ، وَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بِأَنْ لَا يَبْرَحَ إِلَى أَنْ يَأْتِيَهُ رَسُولُهُ، فَإِنْ حَدَثَ بِالْمَرْأَةِ حَدَثٌ صَارَ إِلَيْنَا حَيْثُ كُنَّا.
 قَالَ: فَصِرْنَا إِلَى مَسْجِدِ السَّهْلَةِ، وَ صَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَفَعَ الصَّادِقُ ع يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ:  أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، مُبْدِئُ الْخَلْقِ وَ مُعِيدُهُمْ.
و أنت الله لا إله إلا أنت خالق الخلق و رازقهم.
و أنت الله لا إله إلا أنت القابض الباسط.
و أنت الله لا إله إلا أنت مدبر الأمور و باعث من في القبور.
و أنت وارث الأرض و من عليها، أسألك باسمك المخزون المكنون الحي القيوم.
و أنت الله لا إله إلا أنت عالم السر و أخفى، أسألك باسمك الذي إذا دعيت به أجبت، و إذا سئلت به أعطيت، و أسألك بحق محمد و أهل بيته، و بحقهم الذي أوجبته على نفسك، أن تصلي على محمد و آل محمد، و أن تقضي لي حاجتي، الساعة الساعة..
يا سامع الدعاء، يا سيداه، يا مولاه، يا غياثاه، أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تصلي على محمد و آل محمد، و أن تعجل خلاص هذه المرأة، يا مقلب القلوب و الأبصار يا سميع الدعاء.
قَالَ: ثُمَّ خَرَّ سَاجِداً لَا أَسْمَعُ مِنْهُ إِلَّا النَّفَسَ.
ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: قُمْ قَدْ أُطْلِقَتِ المَرْأَةُ.
قَالَ: فَخَرَجْنَا جَمِيعاً، فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ إِذْ لَحِقَ بِنَا الرَّجُلُ الَّذِي وَجَّهْنَا إِلَى بَابِ السُّلْطَانِ.
فَقَالَ لَهُ: مَا الْخَبَر؟
قَالَ: لَقَدْ أُطْلِقَ عَنْهَا.
قَالَ: كَيْفَ كَانَ إِخْرَاجُهَا؟
قَالَ: لَا أَدْرِي، وَ لَكِنَّنِي كُنْتُ وَاقِفاً عَلَى بَابِ السُّلْطَانِ إِذْ خَرَجَ حَاجِبٌ فَدَعَاهَا فَقَالَ لَهَا: مَا الَّذِي تَكَلَّمْتِ بِهِ؟
قَالَتْ: عَثَرْتُ فَقُلْتُ لَعَنَ اللَّهُ ظَالِمِيكِ يَا فَاطِمَةُ، فَفَعَلَ بِي مَا فَعَلَ.
قَالَ: فَأَخْرَجَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَ قَالَ:
خُذِي هَذِهِ وَ اجْعَلِي الْأَمِيرَ فِي حِلٍّ، فَأَبَتْ أَنْ تَأْخُذَهَا.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهَا دَخَلَ وَ أَعْلَمَ صَاحِبَهُ بِذَلِكَ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ انْصَرِفِي إِلَى بَيْتِكَ فَذَهَبَتْ إِلَى مَنْزِلِهَا.  
فقال أبو عبد الله ع: أبت أن تأخذ مأتي درهم؟
قال: نعم و هي و الله محتاجة إليها.
فقال: فأخرج من جيبه صرة فيها سبعة دنانير و قال: اذهب أنت بهذه إلى منزلها فأقرئها مني السلام و ادفع إليها هذه الدنانير.
فقال: فذهبنا جميعا فأقرأناها منه السلام.
فقالت: بالله أقرأني جعفر بن محمد السلام؟
فقلت لها: رحمك الله و الله إن جعفر بن محمد أقرأك السلام، فشهقت و وقعت مغشية عليها.
قال: فصبرنا حتى أفاقت، و قالت: أعدها علي. فأعدناها عليها حتى فعلت ذلك ثلاثا.
ثم قلنا لها:خذي هذا ما أرسل به إليك و أبشري بذلك، فأخذته منا .
و قالت: سلوه أن يستوهب أمته من الله، فما أعرف أحدا أتوسل به إلى الله أكبر منه و من آبائه و أجداده ع.
 قال: فرجعنا إلى أبي عبد الله ع فجعلنا نحدثه بما كان منها. فجعل يبكي و يدعو لها..
لئن كان سلام من الصادق عليه السلام أوقع المرأة مغشيا عليها فرحا وسرورا، فها نحن في مكان قصده الصادق عليه السلام ليدعو ربه..
لقد عشنا بعقولنا وعواطفنا ومشاعرنا مع تلك الحقبة التي كانت ُتجلد فيها امرأة ابكى خبرها صادق أهل البيت لمجرد أنها قالت: لعن الله ظالميك يا فاطمة..
فاطمة تلك التي يرضى الله لرضاها.. ويغضب لغضبها..
فاطمة بنت محمد رسول الانسانية الذي لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى،  ومحمدٌ هو الذي يقول وباجماع المسلمين ، فاطمة بضعة مني، من آذاها فقد آذاني، ومن أغضبها فقد أغضبني..
وهل يشك أحد من المسلمين في أن من آذى رسول الله فقد آذى الله!
ومع ذلك فإن الجلد هو نصيب امراة قالت لنفسها : لعن الله من ظلم فاطمة الزهراء..
 وينقل الجواسيس همسات الفؤاد الى السلطات التي تخشى حتى الهمهمة..
إن فاطمة صبرت على ما حل بها.. ولم ترفع رأسها الى السماء ليقلب عاليها سافلها.. ولكن حفيدها لم يستطع أن يصبر على آلام امرأة ليس لها ذنب الا أنها تحب الزهراء .. فأتى الى مسجد السهلة..
 لئن كان الصادق قد بكى في ذاك اليوم فماذا عساه أن يفعل في أيامنا هذه!!
وهل تغير في زماننا شيء.. ألا يتعرض محبوا فاطمة الزهراء في أيامنا لما تعرض له اولئك الاوائل.. ؟
والعجب العجاب.. أن كل ذلك يحصل ممن يدعي انتماءه لرسول الله.. ويدين بدينه.. نعم التاريخ يعيد نفسه.
قال يعقوب يوما لابناءه .. سأستغفر لكم ربي.. وأجّل الاستغفار الى فجر يوم الجمعة..
أما إمامنا الصادق ع .. فحملته أقدامه سريعا الى مسجد السهلة ليدعو ربه وهو ساجد..
وتتغير النواميس. ويُستجاب الدعاء.
ولا ندر ما الذي تراءى لذاك الحاكم لكي يتحول أو يُحَول في تلك اللحظات.. كما تحولت نار ابراهيم الى برد وسلام.. يتحول من جلاد الى طالب عفو من المرأة ..!!
لا ندر.. وأنى لنا أن ندر ان لم يخبرنا أهل العلم بذلك..
ما نعرفه ان الله استجاب الدعاء.. فهل يستجيب الله دعائنا!!
الى مقام ابراهيم
ننتقل من مقام الامام الصادق عليه السلام الى مقام أبي الانبياء.. في الزاوية الغربية الشمالية من هذا المكان المقدس.. حيث كان ابراهيم يتخذ من هذا المكان ، مكانا لعبادته..
إننا الان في بيت ابراهيم الخليل الذي خرج منه الى العمالقة في اليمن الذين جددوا بناء الكعبة بعد ابراهيم.
لئن عبرت بنا صلاة ركعتين في مقام الامام الصادق الى تلك الحقبة التي شهد فيها الامام الصادق عليه السلام نهاية عصر أموي وبداية عصر عباسي نافس الامويين في أذيتهم لآل بيت الرسول، بل لولا الحسين لقلنا انه زاد عليهم، فإن زيارتنا الان الى مقام أبينا ابراهيم تنقلنا الى ما هو أقدم زمانا..
ابراهيم الذي جعله الله خليفة في الارض.. وجعله اماما، وما ادراك ما ابرهيم..
يخشع القلب وترتعد الفرائص عندما تشعر أنك في مقام كان يصلي فيه ابراهيم الخليل..
نصلي ركعتين ونقرأ الدعاء المأثور:
اللهم بحق هذه البقعة الشريفة، و بحق من تعبد لك فيها.
قد علمت حوائجي فصل على محمد و آل محمد و اقضها.
و قد أحصيت ذنوبي فصل على محمد و آل محمد و اغفرها لي.
اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، و أمتني إذا كانت الوفاة خيراً لي.
على موالاة أوليائك، و معاداة أعدائك و افعل بي ما أنت أهله، يا أرحم الراحمين.
وننتهي من الدعاء لنتوجه بقلبنا قبل جسدنا الى محطة من تلك المحطات..
لقد انسخلت أرواحنا من الزمن الحاضر، الى ذاك الزمن الذي كان فيه هذا المسجد بيتا لادريس.. إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً.. وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً..
الى مقام ادريس
سر رويدا رويدا.. وقصِّر الخطى ، فلربما كانت خطوتك على مكان داسته قدم نبي من الانبياء..
هنا كان ادريس من أجداد نوح يخيط الثياب لكي يكسب قوته..
كما كان داود يأكل من كد يمينه عندما يعمل دروع الحديد ويبيعها ، مع كونه ملكاً نبياً..
وهكذا كان علي يؤجر نفسه ويسقي الزرع ..
تلك أمة قد خلت لها ما كسبت.. فماذا نكسب نحن!!
إننا في مقام إدريس الذي يستجاب فيه الدعاء.. إذا توفر عنصر الاخلاص والصفاء..
نستمع الى الامام الصَّادِقُ (ع) قائلا لإِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ :
إِذَا دَخَلْتَ الْكُوفَةَ فَأْتِ مَسْجِدَ السَّهْلَةِ فَصَلِّ فِيهِ، وَ اسْأَلِ اللَّهَ حَاجَتَكَ لِدِينِكَ وَ دُنْيَاكَ، فَإِنَّ مَسْجِدَ السَّهْلَةِ بَيْتُ إِدْرِيسَ النَّبِيِّ الَّذِي كَانَ يَخِيطُ فِيهِ، وَ يُصَلِّي فِيهِ.
وَ مَنْ دَعَا اللَّهَ فِيهِ بِمَا أَحَبَّ قَضَى لَهُ حَوَائِجَهُ، وَ رَفَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكَاناً عَلِيّاً إِلَى دَرَجَةِ إِدْرِيسَ وَ أَجَارَهُ مِنْ مَكْرُوهِ الدُّنْيَا وَ مَكَايِدِ أَعْدَائِهِ.
لنقترب قليلا نحو الملكوت الاعلى في هذا المكان، وبعد صلاة ركعتين نقرأ الدعاء المأثور:
اللهم إني صليت هذه الصلاة ابتغاء مرضاتك و طلب نائلك و رجاء رفدك و جوائزك فصل على محمد و آل محمد و تقبلها مني بأحسن قبول و بلغني برحمتك المأمول و افعل بي ما أنت أهله يا أرحم الراحمين.
مقام المهدي..
ها نحن قد وصلنا الى وسط الجهة الجنوبية من المسجد.. أعمال البناء على قدم وساق.. لوحة تشير الى هذا المكان الذي اتسعت فيه الحفريات..إنه مقامُ الموعود.. فهل سيكون المقامَ الموعود؟
هنا سينزل القائم بأهله وعياله.. هنا سيكون مركزه ومنزله.. هنا سيكون محور الكون.. هنا سيكون مركز قيادة العالم.. هنا ستكون قاعدة دولة العدل الالهي على الارض..
هنا سيتحقق الوعد الالهي بأن يمن الله على الذين استضعفوا في الارض ويجعلهم أئمة ويورثهم شرق الارض وغربها..
هنا الحنين.. هنا الشوق.. هنا مهوى الافئدة.. هنا .. وهنا .. وهنا.. وتتلاشى الكلمات.
ننجذب الى هذه البقعة ونحن نستذكر قول الامام الصادق عليه السلام : لأَبِي بَصِيرٍ عندما قَالَ له:
يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَأَنِّي أَرَى نُزُولَ الْقَائِمِ ع فِي مَسْجِدِ السَّهْلَةِ بِأَهْلِهِ وَ عِيَالِهِ.
قُلْتُ: يَكُونُ مَنْزِلَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ. هُوَ مَنْزِلُ إِدْرِيسَ ع ، وَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً إِلَّا وَ قَدْ صَلَّى فِيهِ.
وَ الْمُقِيمُ فِيهِ كَالْمُقِيمِ فِي فُسْطَاطِ رَسُولِ اللَّهِ ص.
وَ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَ لَا مُؤْمِنَةٍ إِلَّا وَ قَلْبُهُ يَحِنُّ إِلَيْهِ.
وَ مَا مِنْ يَوْمٍ وَ لَا لَيْلَةٍ إِلَّا وَ الْمَلَائِكَةُ يَأْوُونَ إِلَى هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْبُدُونَ اللَّهَ فِيهِ.
يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَمَا إِنِّي لَوْ كُنْتُ بِالْقُرْبِ مِنْكُمْ مَا صَلَّيْتُ صَلَاةً إِلَّا فِيهِ، ثُمَّ إِذَا قَامَ قَائِمُنَا ع انْتَقَمَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ وَ لَنَا أَجْمَعِينَ.
نعم الى هنا يتوافد المؤمنون، ويمتاز ليل الاربعاء عن بقية الليالي بأنك تسمع فيه دويا كدوي النحل، عندما تشاهد الالوف نساء ورجالا ، شبانا وكهولا.. كل منهم يصلي صلاة صاحب الامر.. بعد الانتهاء من صلاة ركعتي تحية المسجد..
تلك التي صار المؤمنون يصلونها في مسجد جمكران..
صلاة الحجة تلك التي يردد فيها المصلي قوله تعالى  إياك نعبد واياك نستعين مائة مرة، في كلتا الركعتين، ويردد الذكرا سبعا ركوعا وسجودا ، وبعد تسبيحة الزهراء يصلي على محمد وآل محمد مائة مرة ساجدا..
ها قد بلغنا المرام.. ولكن علينا قبل ان نغادر هذه البقعة التي صُورت منها وجوه الانبياء  ان نكمل جولتنا ..
 فما زال لدينا مقام زين العابدين.. لا شك أنه قد صلى فيه عندما قدم الكوفة.. ولكن في أية رحلة .. لا أدر.. هل صلى فيه عندما أحضر الى مسجد الكوفة على رأس قافلة يتقدمها رأس أبيه الحسين!! وخلفه نساء آل رسول الله سبايا على المطايا.. يتصفح وجوههن القاصي والداني..!! أم زاره في زمان آخر؟
ماذا دعى، وكيف دعا.. وهل مثل أدعية زين العابدين من أدعية..
 وكذلك مقام الخضر، وما أدراك ما الخضر..
أتذكر حديث أم جعفر قبل سنوات عندما زرناها في منزلها في بلدة كفر كلا..
تلك المرأة التي تحمل في قلبها محبة وولاء صافيا لأهل بيت العصمة، تحكي لنا قصتها عندما استغاثت بصاحب الامر في اليوم السابع من عاشوراء وبالخضر الاخضر.. وجاءها اثنان في تلك الليلة.. لتخلع ثوب المرض الذي اقعدها في الفراش لأشهر متواصلة وتشارك في اليوم التالي في عزاء سيد الشهداء..
أتذكر حكاية ام جعفر ونحن في مقام الخضر.. وكم له من مقام.. قبل ان ننهِ جولتنا في مقام النبي صالح، او ما يقال عنه مقام الصالحين والانبياء.. فنقرأ في مقام الصالحين  الدعاء المأثور:
اللهم إن كانت الذنوب و الخطايا قد أخلفت وجهي عندك فلم ترفع لي إليك صوتا و لم تستجب لي دعوة.
فإني أسألك بك يا الله.. فإنه ليس مثلك أحد.. و أتوسل إليك بمحمد و آله..
أن تصلي على محمد و آل محمد، و أن تقبل إلي بوجهك الكريم، و تقبل بوجهي إليك، و لا تخيبني حين أدعوك، و لا تحرمني حين أرجوك يا أرحم الراحمين..
ونغادر مسجد السهلة عائدين نحو النجف نردد في قلوبنا ..رحماك يا أرحم الراحمين..
 
وللحديث تتمة..

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/04/11   ||   التصفحات : 9373



كتابة تعليق لموضوع : رحلتي الى أعظم حجّ في التاريخ ..الى كربلاء .. الحلقة الثالثة عشر .(في مسجد السهلة )..
الإسم * :
الدولة * :
بريدك الالكتروني * :
عنوان التعليق * :
نص التعليق * :
 

كتاباتي : الشيخ مصطفى محمد مصري العاملي ©  www.kitabati.net     ||    البريد الإلكتروني : mostapha@masrilb.net    ||    تصميم ، برمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net