• الموقع : كتاباتي- صفحة الشيخ مصطفى مصري العاملي .
        • القسم الرئيسي : كتاباتي .
              • القسم الفرعي : لماذا نقول يا حسين ؟ .
                    • الموضوع : الحلقة التاسعة .

الحلقة التاسعة

الحلقة التاسعة

لقد أشرنا في الحلقة السابقة الى محطة من محطات الانقلاب الذي حصل بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، والتي عايشها الحسين عليه السلام طفلا ، وهو مصادرة فدك من أمه الزهراء ، وأشرنا في الفقرة الاولى الى حقيقة فدك التاريخية كما ورد ذكرها في الكتب المعتبرة  وهنا نشير الى تتمة الفقرة الثانية من الموضوع وهي ذهاب السيدة الزهراء الى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإلقاءها خطبتها الشهيرة موجهة كلامها الى الخليفة الجديد الذي صادر منها فدكا محتجة عليه ومستدلة بالادلة الشرعية الدامغة بحضور المسلمين من المهاجرين والانصار ، ملقية الحجة على الجميع .

  فقد ورد أيضا في كتاب (- بلاغات النساء- ابن طيفور  ص 15-20):

  ( حدثني ) جعفر بن محمد رجل من أهل ديار مصر لقيته بالرافقة قال حدثني أبي قال اخبرنا موسى بن عيسى قال اخبرنا عبد الله بن يونس قال اخبرنا جعفر الاحمر عن زيد بن علي رحمة الله عليه عن عمته زينب بنت الحسين عليهما السلام قالت :

  لما بلغ فاطمة ( عليها السلام ) اجماع أبي بكر على منعها فدك لاثت خمارها وخرجت في حشدة نسائها ولمة من قومها تجر اذراعها ما تخرم من مشية رسو الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا حتى وقفت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والانصار فانت انة اجهش لها القوم بالبكاء فلما سكنت فورتهم قالت :

  ابدأ بحمد الله ثم اسبلت بينها وبينهم سجفا ثم قالت الحمد لله على ما انعم والشكر على ما الهم والثناء بما قدم من عموم نعم ابتداها وسبوغ آلاء اسداها واحسان منن والاها جم عن الاحصاء عددها وناءى عن المجازاة امدها وتفاوت عن الادراك آمالها واستثن الشكر بفضائلها واستحمد الى الخلائق باجزالها وثنى بالندب الى امثالها واشهد ان لا اله إلا الله كلمة جعل الاخلاص تأويلها وضمن القلوب موصولها وأنى في الفكرة معقولها الممتنع من الابصار رؤيته ومن الاوهام الاحاطة به ابتدع الاشياء لا من شئ قبله واحتذاها بلا مثال لغير فائدة زادته إلا اظهارا لقدرته وتعبدا لبريته واعزازا لدعوته ثم جعل الثواب على طاعته والعقاب على معصيته ذيادة لعباده عن نقمته وجياشا لهم الى جنته .

  واشهد ان أبي محمدا عبده ورسوله اختاره قبل ان يجتبله واصطفاه قبل ان ابتعثه وسماه قبل ان استنجبه إذ الخلائق بالغيوب مكنونة وبستر الاهاويل مصونة وبنهاية العدم مقرونة علما من الله عز وجل بمايل الامور واحاطة بحوادث الدهور ومعرفة بمواضع المقدور ابتعثه الله تعالى عز وجل اتماما لامره وعزيمة على امضاء حكمه فراى صلى الله عليه وآله وسلم الامم فرقا في اديانها عكفا على نيرانها عابدة لاوثانها منكرة لله مع عرفانها فانار الله عز وجل بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ظلمها وفرج عن القلوب بهمها وجلى عن الابصار غممها ثم قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم قبض رافة واختيار رغبة بابي عن هذه الدار موضوع عنه العبء والاوزار محتف بالملائكة الابرار ومجاورة الملك الجبار ورضوان الرب الغفار صلى الله على محمد نبي الرحمة وامينه على وحيه وصفيه من الخلائق ورضيه صلى الله عليه وآله وسلم ورحمة الله وبركاته.

  ثم انتم عباد الله ( تريد أهل المجلس ) نصب أمر الله ونهيه وحملة دينه ووحيه وامناء الله على انفسكم وبلغاؤه الى الامم زعمتم حقا لكم الله فيكم عهد قدمه اليكم ونحن بقية استخلفنا عليكم ومعنا كتاب الله بينة بصائره وآي فينا منكشفة سرائره وبرهان منجلية ظواهره مديم البرية اسماعه قائد الى الرضوان اتباعه مؤد الى النجاة استماعه فيه بيان حجج الله المنورة وعزائمه المفسرة ومحارمه المحذرة وتبيانه الجالية وجمله الكافية وفضائله المندوبة ورخصه الموهوبة وشرائعه المكتوبة .

  ففرض الله الايمان تطهيرا لكم من الشرك والصلاة تنزيها عن الكبر والصيام تثبيتا للاخلاص والزكاة تزييدا في الرزق والحج تسلية للدين والعدل تنسكا للقلوب وطاعتنا نظاما وامامتنا امنا من الفرقة وحبنا عزا للاسلام والصبر منجاة والقصاص حقنا للدماء والوفاء بالنذر تعرضا للمغفرة وتوفية المكاييل والموازين تعبيرا للنحسة والنهى شرب الخمر تنزيها عن الرجس وقذف المحصنات اجتنابا للعنة وترك السرق ايجابا للعفة وحرم الله عز وجل الشرك اخلاصا له بالربوبية فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون واطيعوه فيما امركم به ونهاكم عنه فانه إنما يخشى الله من عباده العلماء ثم قالت :

  ايها الناس انا فاطمة وابي محمد صلى الله عليه وآله وسلم اقولها عودا على بدء لقد جاءكم رسول من انفسكم ...ثم ساق الكلام على ما رواه زيد بن علي ( عليه السلام ) في رواية أبيه -( والذي ذكرنا نصه في الحلقة الثامنة ) -

  ثم قالت -في متصل كلامها -افعلى محمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول الله تبارك وتعالى وورث سليمان داود وقال الله عز وجل فيما قص من خبر يحيى بن زكريا رب هب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب وقال عز ذكره واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله وقال يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين وقال ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين وزعمتم ان لا حق ولا ارث لي من أبي ولا رحم بيننا .

  افخصكم الله بآية اخرج نبيه صلى الله عليه وآله وسلم منها ؟ ام تقولون أهل ملتين لا يتوارثون؟ أو لست انا وأبي من أهل ملة واحدة ؟

  لعلكم اعلم بخصوص القرآن وعمومه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟

  افحكم الجاهلية تبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون .

  أأغلب على ارثي جورا وظلما ؟ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

  وذكر انها لما فرغت من كلام أبي بكر والمهاجرين عدلت الى مجلس الانصار فقالت :

  معشر البقية واعضاد الملة وحصون الاسلام ما هذه الغميرة في حقي ؟والسنة عن ظلامتي ؟ اما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المرء يحفظ في ولده ؟ سرعان ما اجدبتم فاكديتم وعجلان ذااهانة تقولون مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخطب جليل استوسع وهيه واستنهر فتقه وبعد وقته واظلمت الأرض لغيبته واكثأبت خيرة الله لمصيبته وخشعت الجبال واكدت الامال واضيع الحريم واذيلت الحرمة عند مماته صلى الله عليه وآله وسلم وتلك نازل علينا بها كتاب الله في افنيتكم ممساكم ومصبحكم يهتف بها في اسماعكم وقبله حلت بانبياء الله عز وجل ورسله وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل افإن مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين .

  ايها بني قيلة ااهضم تراث أبي  وانتم بمرأى ومسمع ؟ تلبسكم الدعوة وتثملكم الحيرة وفيكم العدد والعدة ولكم الدار وعندكم الجنن وانتم الالى نخبة الله التي انتخب لدينه وانصار رسوله وأهل الاسلام والخيرة التي اختار لنا أهل البيت فباديتم العرب وناهضتم الامم وكافحتم البهم لا نبرح نامركم وتأمرون حتى دارت لكم بنا رحا الاسلام ودر حلب الانام وخضعت نعرة الشرك وباخت نيران الحرب وهدات دعوة الهرج واستوسق نظام الدين .

  فانى حرتم بعد البيان ونكصتم بعد الاقدام واسررتم بعد الاعلان لقوم نكثوا ايمانهم اتخشونهم فالله احق ان تخشوه ان كنتم مؤمنين الا قد أرى ان قد اخلدتم الى الخفض وركنتم الى الدعة فعجتم عن الدين وبحجتم الذي وعيتم ودسعتم الذي سوغتم فإن تكفروا انتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد.

   الا وقد قلت الذي قلته على معرفة مني بالخذلان الذي خامر صدوركم واستشعرته قلوبكم ولكن قلته فيضة النفس ونفثة الغيظ وبثة الصدر ومعذرة الحجة فدونكموها فاحتقبوها مدبرة الظهر ناكبة الحق باقية العار موسومة بشنار الابد موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع على الافئدة .

  فبعين الله ما تفعلون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

  وانا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد فاعملوا انا عاملون وانتظروا انا منتظرون ...

  فما كان جواب الخليفة المستولي على الحكم بنظر فاطمة عليها السلام ؟

  لنتطلع عليه من النص التالي : حيث يتابع المؤلف قائلا :

  حدثني عبد الله بن أحمد العبدى عن حسين بن علوان عن عطية العوفة انه سمع أبا بكر رحمه الله يومئذ يقول لفاطمة ( عليها السلام ) :

  يا ابنة رسول الله لقد كان   (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمؤمنين رؤوفا رحيما وعلى الكافرين عذابا اليما .

  وإذا عزوناه كان اباك دون النساء واخا ابن عمك دون الرجال آثره على كل حميم وساعده الامر العظيم لا يحبكم إلا العظيم السعادة ولا يبغضكم الا الردئ الولادة وانتم عترة الله الطيبون وخيرة الله المنتخبون على الاخرة ادلتنا وباب الجنة لسالكنا .

  وأما منعك ما سألت فلا ذلك لي .

  وأما فدك وما جعل لك ابوك فإن منعتك فانا ظالم وأما الميراث فقد تعلمين انه صلى الله عليه وآله وسلم قال لا نورث ما ابقيناه صدقة .

  قالت ان الله يقول عن نبي من انبيائه يرثني ويرث من آل يعقوب وقال وورث سليمان داود فهذان نبيان وقد علمت ان النبوة لا تورث وإنما يورث ما دونها فما لي امنع ارث ابي أأنزل الله في الكتاب إلا فاطمة بنت محمد فتدلني عليه فاقنع به ؟

  فقال يا بنت رسول أنت عين الحجة ومنطق الرسالة لا يدلى بجوابك ولا ادفعك عن صوابك ولكن هذا أبو الحسن بيني وبينك هو الذي اخبرني بما تفقدت وانبأني بما اخذت وتركت

قالت فإن يكن ذلك كذلك فصبرا لمر الحق والحمد لله اله الخلق .

  فهل انتهى الحوار بهذه الصورة ؟

هذا ما سنبحثه في الحلقة العاشرة انشاء الله .

 


  • المصدر : http://www.kitabati.net/subject.php?id=66
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2008 / 03 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29